القيامة في حياتنا - أحد توما الرسول - الأحد الجديد

Fr-Symeon Abouhaidar
Fr-Symeon Abouhaidar
226 بار بازدید - 4 ماه پیش - عظة الأب سمعان أبو حيدر
عظة الأب سمعان أبو حيدر في  أحد توما الرسول - الأحد الجديد
الأحد ١٢ أيار ٢٠٢٤ - كنيسة الظهور الإلهي - النقاش

القيامة في حياتنا
باسم الآب والابن والروح القدس. المسيح قام!
وصلنا في آخر أسبوع التجديدات الى أحد توما. الأحداث العظيمة في الحياة نختبرها يا إخوة، في لحظة اندفاعة شديدة، لذلك يعوزنا بعض الوقت لتفكيك ما اختبرناه. من المنطقي إذًا، مدّ الاحتفال بالفصح أربعين يومًا حتّى عيد الصعود.
نختبر القيامة فورة فرح عارمة. لحظة عظيمة في حياة الكنيسة. تأتي بعد فترة من الجهاد والصوم والصلاة ما يجعل الأمر يبدو «مريحًا». ولكن لو تركنا الأمر عند هذا الحدّ، نكون قد احتفلنا بالفصح دون أن نفقه سبب أهميّته. نعم، الوصول «للنهاية» مريح. لكن، لمَ خوض السّباق أصلاً؟ لمَ الاحتفال بقيامة المسيح بهذه القوّة وهذا الفرح؟
١. الموت. لكي نفهم الفصح علينا فهم الموت. ليس الموت مجرّد أمر يُنهي حياة البشر، بل هو يُشكل كل جزء منها. كل لحظة من حياتنا تتأثر بالموت. منذ تخطّي الثلاثين من العمر يبدأ الشعور بآثار الموت على جسم الإنسان. بحلول الأربعين، يبدأ النضال للحفاظ على الجسم كما كان قبلًا (الرياضة والنظام الغذائي والفيتامينات…). وعند بلوغ الخمسين أو الستين، نصبح مدركين أن هناك سنوات خلفنا أكثر ممّا أمامنا…
يمسّنا الموت بطرق شتّى. نشاهد في الأخبار الناس يموتون. نختبر موت الأهل والأقارب والأصدقاء ونذكرهم بالصلوات. نناقش أمور الإجهاض والمساعدة على الانتحار… يسود الموت العالم. تُباد حياة الناس ويختفي وجودهم من هذه الأرض. نفتقدهم، نتألّم من الخسارة. لا يمكننا الهرب من عالم يسوده الموت.
لكن الموت يمسّنا بطريقة «روحيّة» تكون أعمق بكثير ممّا يُدركه معظمنا. على هذا المستوى، نحن بحاجة إلى جعل القيامة أكثر حضورًا في حياتنا. نعم، كمسيحيين، نحن نؤمن بالقيامة في اليوم الأخير. نؤمن أن أفرادًا من عائلتنا وأصدقائنا وكل من ماتوا «بشتّى أنواع الميتات» سوف يُقامون في اليوم الأخير. سوف تُقام أجسادنا، وسوف يُباد الموت باعتباره تجربة «جسدية شاملة». وأيضًا، باعتباره تجربة «روحية شاملة». ما معنى ذلك؟
٢. الخطيئة. يؤكّد كاتب الرسالة الى العبرانيين أن النّاس هم «جميعًا كُلَّ حياتهم تحت العبوديَّة» لإبليس «خوفًا من الموت» (٢: ١٥). العبودية لإبليس هي عبودية الخطيئة، عبودية كل ما يفصلنا عن الله.
المفارقة أننا لا نشعر بالخطيئة باعتبارها عبودية بل حرّية! «أنا حرّ» في تلبية أهواء جسدي. وفي ازدرائي الآخرين. وفي غضبي عليهم. وفي أخذ ما أريد. وفي معصية الله ووصايا كنيسته. وفي إهمال الصلاة. وفي شراهتي… «أنا حرّ ولا أهتمّ»!
لماذا أَعتَبرُ الخطيئة «حرية»؟ لعلمي أن «كلّ الأشياء تحلُّ لي» ورفضي اختبار قيود أن «ليس كُلّ الأشياء توافق» (١كو ٦: ١٢). هذا الشعور بالتهديد يُسمّى «الخوف من الموت». أخشى أنَّ حياتي لن تستمر بالطريقة التي أُريدها، سواء كان ذلك جرّاء خطر الموت الجسدي أو حتى مجرّد «الميتات الروحيّة الصغيرة» الناجمة عن تهديد رغباتي. هذا هو «الموت الروحي الشامل» الذي نختبره جميعًا، منذ الطفولية، من الوقت الذي نبدأ بإدراك أنفسنا كأشخاص لنا رغباتنا الخاصّة. «مَن يجرؤ على إخباري أنني لا أستطيع أن أفعل ما أريد، أو فعل ما لا أحب فعله، أو أن أتغيّر…»؟! هذا هو شعورنا عندما يتعدّى شخص على رغباتنا ويهدد هويتنا. نتفاعل غريزيًا بالخوف من الموت. نُستعبد لهذا «الوضع الدفاعي» بكل الوسائل المتاحة لمنع أي شيء من تهديد رغباتنا وهويّتنا.
٣. القيامة. سقط الموت بقيامة المسيح. قام المسيح، والشياطين التي تُغرينا تساقطت. قام المسيح، ولم يبقَ في القبر ميتٌ. «تأتي ساعةٌ وهي الآن حين يسمعُ الأمواتُ صوتَ ابن اللَّه والسَّامعون يَحيون» (يو ٥: ٢٥)، بعضهم إلى قيامة الحياة والبعض إلى قيامة الدَّينونة. عندها، كل الرغبات و«الهويّات الزائفة» التي بَنيتُها لنفسي تصير عديمة الأهمية. كلّها تموت وأنا أقوم. أمّا قيامي إلى قيامة حياة فيعتمد على ما إذا كُنتُ قد جعلتُ القيامة جزءًا من حياتي، لا في اليوم الأخير، بل، هل الآن «أحيا لا أنا، بل المسيحُ يحيا فيَّ» (غل ٢: ٢٠)؟
لذلك، المسيحية هي «حياة»، الحياة في المسيح، الحياة الجديدة. حتّى قبل القيامة العامة، نقوم بالمعمودية إلى «جِدّة الحياة» (رو ٦: ٤). في آخر إنجيل اليوم، يخبرنا يوحنا أن «هذه كُتبت» لكي نُؤمن، ولكي تكون لنا «حياةٌ باسمه». وفي آخر الرسالة، يقول لوقا في  أعمال الرسل، أنَّ الملاك الذي أطلقَ الرُّسل من السجن بعد أن قُبض عليهم بسبب الكرازة، قال لهم «قِفوا في الهيكل، وكلّموا الشعب بجميع كلمات هذه الحياة». هذا سبب فرحنا في الفصح، أنّنا تلقّينا «جميع كلمات هذه الحياة». لأنّنا نؤمن، أنَّ «لنا حياة باسمه».
ليست القيامة مجرّد حدث ليسوع قبل ألفي عام. ولا مجرّد أمر سوف يحدث لنا جميعًا يومًا ما في الدهر الآتي. بل القيامة الآن، هي نهاية الموت. «لا يَسودُ عليه الموتُ بعدُ» (رو ٦: ٩)، لو كُنَّا في المسيح، فلن يكون للموت سلطانٌ علينا أيضًا. لن نكون مُستعبدين لخوفنا من الموت! نموت عن العالم، نُصلب مع المسيح، لكي يحيا المسيح فينا، ونراه مع توما ونهتف «ربي وإلهي»!
لا مجرّد أن ننشد «المسيح قام» أربعين يومًا، بل أن نُعلن موته وقيامته طوال حياتنا. لا يبق لدينا خوف. لا نقلق بشأن ما قد يحدث اليوم أو غدًا أو العام المقبل… نحن قائمون مع المسيح. لأن المسيح قام، ولا شيء آخر يهمّ! آمين.
4 ماه پیش در تاریخ 1403/02/23 منتشر شده است.
226 بـار بازدید شده
... بیشتر