المسيحيّة مستحيلة؟ - الأحد السابع بعد العنصرة

Fr-Symeon Abouhaidar
Fr-Symeon Abouhaidar
152 بار بازدید - ماه قبل - عظة الأب سمعان أبو حيدر
عظة الأب سمعان أبو حيدر في الأحد السابع بعد العنصرة الأحد ١١ آب ٢٠٢٤ - كنيسة الظهور الإلهي - النقاش المسيحية مستحيلة؟ باسم الآب والابن والروح القدس. يا أحبّة، يبدو أن هناك أمور كثيرة تجعل الحياة المسيحية غير «جذابة» لكثيرين اليوم. لا يمكن أن نناقش اليوم كل الأسباب، بل نتأمّل في موضوع محدّد: تفترض الحياة المسيحية، وجوب القيام بأمور وتُنهي عن أشياء أخرى. فهل الحياة المسيحية تعني فقدان الحرية؟ صحيح، بعض الجماعات، تمارس «سلب الحرية» متجاهلين وصية بولس اليوم «يجب علينا نحن الأقوياء أن نحتمل وَهَن الضعفاء ولا نُرضِيَ أنفسنا». بل يركّز العديد من واعظيهم على التهويل «بالوعظ الأخلاقي» حول مخاطر الشرور الأخلاقية، وإدانة الخاطئين بلا رحمة متغافلين عن تشجيعهم على التوبة. ساهمت شعبية هذا «اللاهوت» بخلق «ثقافة» تروّج أن الحياة المسيحية تدور حول «واجبات ومحاذير». كان للفريسيين ثقافة لاهوتية مماثلة. كانوا مهووسون «بما يجب وما لا يجب فعله». في إنجيل اليوم، بعد أن شفى يسوع أعميين وأخرس به شيطان، اتّهمه الفريسيون، الذين أدانوه كمخالف للشريعة، «فقالوا: إنه برئيس الشياطين يُخرج الشياطين»! هكذا كان وضع الشريعة الموسوية (سفر اللاويين) إذ كانت مقيِّدة إلى حدّ كبير حول ما يؤكل وما لا يؤكل وكيفيّة إعداد الطعام وإتمام التطهير الطقوسي، الخ… يشعر العديد من الناس اليوم بنفس الشعور تجاه المسيحية. يحسّون أنّها تقيِّدُهم. لذلك، ينفرون من الكنيسة أو ينزعجون منها بشدّة أو على الأقل لا يريدون «الكثير» منها. هذا هو السبب وراء عدم حضور الكثير من النّاس إلى الكنيسة، أو حتّى مقاطعتها كليًا. كيف يمكن أن يكون هذا؟ كيف تحوّلت «البشارة السارة» إلى أمر مُمل وغير محفِّز؟ كيف صار اسم يسوع ينقل إليهم «الكبت والحصار»؟ للأسف، تدور الحياة المسيحية لكثيرين اليوم، حول اتمام «الواجبات الدينية»! يفترضون أن هذه الواجبات تهدف إلى استرضاء «إله غاضب» أُسيء إليه بسبب خطايانا. هذا بالطبع بعيد عن الإيمان المسيحي الحقّ. تشدّد الكنيسة دائمًا على حرّية البشر. كل إنسان مخلوق حرّ. يمكنه فعل ما يريد. ليس مجبرًا على ارتياد الكنيسة، ولا على عيش حياة أخلاقية، ولا قبول مُعتقدات معينة. هو حرّ غير مُقيّد. أحبّ الله الإنسان ولذلك حرّره. كان بوسعه أن يجبره على الطاعة، ولكنّه لم يفعل. كان بوسعه أن يدينه أو يخلّصه سواء رغب بذلك أم لا، ولكنه لم يفعل. كان بوسعه أن يخلقه عبدًا يقوم بالصواب آليًا، ولكنه لم يفعل. لقد حرّرنا. يؤكّد بولس في رسالته الى غلاطية، أن زمن الناموس الموسوي قد ولّى، «قبل مجيء الإيمان، كنّا تحت حراسة الشريعة، مُحتجزين» حتّى جاء الإيمان بيسوع المسيح، فلم نعد الآن تحت الحراسة «ولكن بعدما جاء الإيمان، تحررنا من سلطة المؤدب» (٣: ٢٣-٢٥) ووهبنا أن نكون أبناء وبنات الله، وهبنا حرية مغادرة المنزل الأبوي في أيّ وقت. بل إن أبونا السماوي يقدم لنا شركة في حياته، الحياة الإلهية للثالوث القدّوس. هذا هو كمال الحب. وبنعمة التبنّي، يصير المسيح أخًا لنا. لكن الأبواب غير مغلقة. يمكن المغادرة في أي وقت! يا إخوة، الحب يحرّر. من يُحبّك لا يفرض نفسه عليك. لا يجبرك على شيء. من يحبك يدعوك ويلهمك على رجاء أن تستجيب لدعوته. لأن الطاعة القسرية ليست طاعة حقيقية بل عبودية. أبونا السماوي لا يفعل ذلك أبدًا، وأي شخص يدّعي أنه يتحدث باسم الله ويفرض الطاعة هو لسان نفسه فقط. لهذا لا توجد «شرطة تقوى» في الكنيسة، بل هناك دائمًا نوع من التقوى الطبيعية داخل الكنيسة. هذا ينطبق على بعض الأشخاص الذين يُنصّبون أنفسهم قضاة على أخلاق الآخرين. بالطبع يجب تعليم التقوى والأخلاق، ولكن فقط من قبل المؤتمَنين على هذه المهمة: المعلمون للطلاب والآباء للأطفال والرعاة لقطيعهم. هنا في الكنيسة، الله هو الآب، وليس أي واحد منّا. نحن أحرار في فعل ما نريد خارج الكنيسة. ولكن لو أردنا أن نكون في بيت الله، ملكوت الله، فنحن نختار بحرية أن نُطيعه (تحت سقفي تُطيع قواعدي). نعم، نحن نختار بحرية أن نكون هنا. لم نكن ملزمين أن نأتي إلى الكنيسة اليوم. لكننا هنا، لأننا نريد شيئًا. نحن هنا نطلب الله. لأن أشواق قلوبنا لا يمكن إشباعهما إلا من خلال الشركة الإلهية. هنا، نتربّى على الأخلاق، ليس لأنها مجموعة من القواعد المجبرين على اتّباعها، ولكن لأننا نسعى أن نكون أكثر شبهًا بيسوع. لأننا نريد أن نكون مثل يسوع وأن نعيش معه إلى الأبد، لذلك نسعى أن نُحبّه من كل قلبنا ونسعى لترتيب حياتنا كلها حوله. نحن نأتي إلى الكنيسة لنحقق أننا أعضاء في جسده. لا يمكننا ذلك في أي مكان آخر. نأتي لنتذوّق السلام والفرح والشفاء الحقيقي. ندخل بيت الله وننخرط بقوّة في ما يحدث فيه. وبممارسة كل هذا يا أحبّة، نكتشف الحرية الحقيقية. هي حرية السعي الى «قياس قامة ملء المسيح» (أف ٤: ١٣). هذه هي الحرية للفضيلة والقداسة والحياة الأبدية. كما تحرّر هذان الأعميان من الظلمة، وصار ذلك الممسوس حرّ اللسان، هكذا نصير قادرين عندما تنضمّ حريتنا الى حرية الله نفسه. آمين.
ماه قبل در تاریخ 1403/05/21 منتشر شده است.
152 بـار بازدید شده
... بیشتر