وأنا حزين يا أبي كحمامة الأبراج خارج سربها | قصائد مفقودة لمحمود درويش

Khaled OTEAR
Khaled OTEAR
99.1 هزار بار بازدید - 2 سال پیش - وأنا حزين يا أبي كحمامة
وأنا حزين يا أبي كحمامة الأبراج خارج سربها | قصائد مفقودة لمحمود درويش  

ربي الأيائل يا أبي محمود درويش


الأَرضُ تكسرُ قِشْرَ بَيْضَتها وتسبَحُ بيننا
خضراءَ تحت الغيم . تأخذ من سماء اللون زينَتَها
لتسحرنا ’ هي الزرقاءُ والخضراءُ ’ تولد من خُرافتها
ومن قُرْبانِنا في عيد حنطتها . تُعَلِّمنا فُنُونَ البحث عن أُسطورة التكوين
سَيِّدَةٌ على إِيوانها المائيِّ
سيدة المديح . صغيرة لا عمر يخدش وجهها لا ثور
يحملها على قرنيه . تحمل نفسها وتنام في أَحضانها
هِيَ . لا تودِّعنا ولا تستقبلُ الغرباء . لا تتذكَّرُ الماضي
فلا ماضي لها . هي ذاتُها ولذاتِها في ذاتِها . تحيا فنحيا
حين تحيا حُرَّةً خضراءَ لم تركب قطاراً واحداً معنا , ولا جملاً
وطائرةً . ولم تفقد وليداً واحداً . لم تبتعد عنا ولم تفقد
معادنها . ولم تخسر مفاتنها . هي الخضراء فوق مياهها الزرقاء..
فاُنهَضْ , يا أَبي ’ من بين أَنقاض الهياكِلِ واكتُب
اُسمَكَ فوق خاتَمِها كما كتب الأَوائل ’ يا أَبي ’ أَسماءهم.
وانهض أَبي لتحبَّ زوجتك الشهيَّة من ضفائرها إِلى خلخالها
وانهض , فلا زيتون في زيتون هذي الأَرض غير ظلالها ,
وانهض ’ لتحمدها وتعيدها وتَرْوِي سيرة النسيان :
كم مَرَّ الغزاة وغيَّروك وغيّروا أَسماءها
كم أصلحوا عربَاتهم وتقاسموا شهداءها,
وهي التي بقيت , كما كانت , لك امرأةً وأُماً يا أَبي
فانهض ’ ليرجعك الغناءُ
كشقائق النعمان في أَرض تَبنَّتْهَا وغَنَّتها لتسكنها السماءُ
...ولِمَ القصيدةُ يا أَبي ؟ إِنَّ الشتاءَ هو الشتاءُ
سأَنام بعدك , بعد هذا المهرجان الهشِّ , تَسْوَدُّ الدماءُ
على تماثيل المعابد كالنبيذ ... وتكسر العُشَّاقَ نرجسةٌ وماءُ
وسيكسرون الآن غيرتهم وغربتهم وبَلُّور الحنين إِلى حنينْ
وأَنا حزين , يا أَبي ’ سَلِّم على جَدِّي إذا قابلتَهُ
قَبِّلْ يديهِ نيابةً عني وعن أَحفاد ((بَعْلٍ)) أَو ((عَنَاةْ))
واملأْ له إِبريقه بالخمر من عنب الجليل أَو الخليل ’ وقل له:
أُنثايَ تأبى أَن تكون إِطار
صُورَتها. وتخرج من رفاتي
عنقاءَ أُخرى . يا أَبي سَلِّمْ عليَّ هناك إِنْ قابلتَنِي
وانسَ انصرافي عن خيولك يا أَبي واغفر لأَعرف ذكرياتي
أَنت الذي خَبَّأْتَ قلبك يا أَبي عني ’ فآوتني حياتي
في ما أَرى من كائناتٍ لا تُكَوِّنُ كائناتي..
والآن تسحبني أْبوَّتُك القصيَّةُ من يديَّ ومن شتاتي
بشِباك ظِلِّك نحو آجُرٍّ من الظلّ المعلَّق في القصيدة..
لُغْزٌ هو الميلاد .. يا أَبتي سألتك : هل وُلِدْتَ
لتموت؟ كم أَرجأَتَ عمرَك ..كم تعبتَ .. وكم وَعَدْتَ
بأن تعيش غداً , ولكنْ لم تعش من دَمِنا إِلى لغة الحمامْ؟
يا سيِّد الشجر المسجَّى فوق ظلِّ الظلِّ من شَجَر الخزامْ
يا سيِّد الحجر الذي أَدْمَتْهُ كَفُّكَ ...هل خَرجْتَ من الرخامْ
لتعود يا أَبتي إِليه ؟ دُلَّني لِمَ جِئْتَ بي ...لم جئتَ بي
أَلِكَيْ أُنادي حين أَتعَبُ : يا أَبي , يا صاحبي ؟
يا صاحبي ! مَنْ مات مَنَّا قبل صاحبِهِ...
أَنا ؟
أَم صاحبي ؟

الموسيقى من عزف المبدعة وئام دياب
wiamkdiab
2 سال پیش در تاریخ 1401/02/18 منتشر شده است.
99,184 بـار بازدید شده
... بیشتر