الوحدة و محمود درويش | لم أَرَ لي أَثَراً .. سأمشي بنفسي إلى المقبرةْ

Khaled OTEAR
Khaled OTEAR
352 هزار بار بازدید - 2 سال پیش - كما لو فَرِحتُ: رجعت. ضغطتُ
كما لو فَرِحتُ: رجعت. ضغطتُ على
جرس الباب أكثرَ من مرّةٍ, وانتظرتُ....
لعلِّى تأخرتُ. لا أَحَدٌ يفتح الباب, لا
نأمةٌ في الممرِّ.
تذكرتُ أَن مفاتيح بيتي معي، فاعتذرتُ
لنفسي: نسيتُك فادخلْ
دخلنا... أنا الضيف في منزلي والمضيف.
نظرتُ إلى كل مُحْتَويات الفراغ ’فلم أَرَ
لي أَثَراً, ربما... ربما لم أكن ههنا. لم
أَجد شَبَهاً في المرايا. ففكَّرْتُ: أَين
أنا, وصرخت لأوقظ نفسي من الهذيان،
فلم أَستطع ... وانكسرتُ كصوتٍ تَدَحرَجَ
فوق البلاط. وقلت : لمازا رجعت إذاً؟
واعتذرت لنفسي: نسيتُكَ فاخرجْ!
فلم أَستطع. ومشيت إلى غرفة النوم,
فاندفع الحلم نحوي وعانقني سائلاً:
هل تغيَّرتَ؟ قلت تغيّرتُ، فالموتُ
في البيت أفضلُ من دَهْسِ سيَّارةٍ
في الطريق إلى ساحة خالية!
..
إذا قيل لي : ستموتُ هنا في المساء
فماذا ستفعل في ما تبقَّى من الوقتِ ؟
ـ أنظرُ في ساعة اليد /
أشربُ كأسَ عصيرٍ ،
وأَقضم تُفَّاحَةً ،
وأطيلُ التأمُّلَ في نَمْلَةٍ وَجَدَتْ رزقها ،
ثم أنظر في ساعة اليدِ /
ما زال ثمَّة وقتٌ لأحلق ذقني
وأَغطس في الماء / أهجس :
"لا بُدَّ من زينة للكتابة /
فليكن الثوبُ أزرق"/
أجْلِسُ حتى الظهيرة حيّاً إلى مكتبي
لا أرى أَثر اللون في الكلمات ،
بياضٌ ، بياضٌ ، بياضٌ...

أُعِدُّ غدائي الأخير
أَصبُّ النبيذ بكأسين : لي
ولمَنْ سوف يأتي بلا موعد ،
ثم آخذ قَيْلُولَةً بين حُلْمَينْ /
لكنّ صوت شخيري سيُوقظني ...
ثُمَّ أَنظرُ في ساعة اليد:
ما زال ثَمّةَ وَقْتٌ لأقْرأ /
أَقرأ فصلاً لدانتي ونصْفَ مُعَلَّقَةٍ
وأرى كيف تذهب مني حياتي
إلى الآخرين ، ولا أتساءل عَمَّنْ
سيملأُ نُقْصَانَها
ـ هكذا ؟
ـ هكذا
ثم ماذا ؟
ـ أمشّط شَعْري ،
وأرمي القصيدة... هذي القصيدة
في سلة المهملات
وألبسُ أحدث قمصان إيطاليا ،
وأُشَيّع نفسي بحاشِيَةٍ من كَمَنْجات إسبانيا
ثُمَّ أمشي إلى المقبرةْ !
#محمود_درويش #خالد_عطير
2 سال پیش در تاریخ 1400/11/30 منتشر شده است.
352,060 بـار بازدید شده
... بیشتر