تميم البرغوثي| مع تميم - المقاومة بالحُسن

AJ+ ساحة
AJ+ ساحة
256.3 هزار بار بازدید - 14 ساعت پیش - لمتابعة مع تميم youtube.com/c/AJplussaha
لمتابعة مع تميم youtube.com/c/AJplussaha تميم البرغوثي | مع تميم - المقاومة بالحُسْن كرجل عمله الكتابة والتصوير، فإني أهابهما أكثر مما هو مسموح.. للكتابة هيبة. أي والله لها هيبة. أن يسجل ما تقول، فيذكرَ لاحقاً، أو ينساه الناس وتذكرَه أنت. تريد أن تكتب كلاماً كاملاً، والكلام الكامل يحتاج إنساناً كاملاً في زمان كامل. ومن لك بهذا، وأنت في ما أنت فيه، بل ونحن في ما نحن فيه. ألم يقل المتنبي من قبل: أريد من زمني ذا أن يبلغني ما ليس يبلغه من نفسه الزمنُ؟ الكتابة رهينة الزمن، كالتصوير، حين يفاجئك أحد المحبين الكرام وأنت تأكل في مطعم أو تفرك عينيك، ويطلب أن يصورك أو أن يصور نفسه معك. أنت تشعر بالعرفان والامتنان والخجل، وتريد أن تشكر ذلك المحب بكيانك كله، ولكنك لا تريد تثبيت صورتك في تلك اللحظة، لا تريد أن تَرَى، في غَدٍ، نفسك اليوم. لا تريد أن ترى، ولا أن يرى الناس، اكتئابك ولا ترهل روحك ولا هروبك من الحزن بالتعلق بقشة الدنيا. تماماً كما لا تريد أن تكتب ما يمليه عليك هذا الزمان العشوائي الملامح، فتهرب منه لماض اكتمل، أو لمستقبل أو أسطورة تكملها أنت بخيالك. للكتابة وللتصوير هيبة، هيبة البقاء في عالم عابر. هيبة تثبيت اللحظة وتحريكها في آن معاً. كالنحات يصنع تمثال حصان يقفز، هو تثبيت الحركة وتحريك للثبات. وتقول لنفسك، ما لك مغروراً، ليس مهماً بتاتاً إن كتبت جيداً أو رديئاً، ليس مهماً إن كنت نحاتاً مرتبك اليدين أو حصاناً بعضه متداخل في بعضه كحافلة ركاب اصطدمت بحائط، ليس مهماً بتاتاً إذا ظهر اكتئابك في الصورة أم لم يظهر. أنت كلُّك لست مهماً إلا لأهلك ومن يتكرمون عليك بالحب بلا سبب واضح تستحق به حبهم. فمالك يا غير المهم مهتماً بما تأتيه يداك وأنت تحاول أن تنحت ذلك الحصان القافز، وحولك بحر أو حريق. القتلى بالملايين والجرحى بالملايين، واللاجئون بالملايين والنازحون بالملايين، وعلى رؤوس كل منا، تدور قبيلة من الأشباح والغيلان والكوميديا السوداء وما فوق البنفسجية، كما كان يدور عباد الوثن حوله، أو كما تدور الطيور حول رأس شخصية رسوم متحركة شجت رأسها. ومع خالص المحبة والاحترام للجميع، فإنا عشنا زمناً عجيباً اجتمع علينا فيه ما لا يجتمع على الناس عادة في زمان واحد، أهل الشرق يقصفون عرباً، وأهل الغرب يقصفون عرباً، والعرب يقصفون عرباً، وكل من لا يجد شيئاً يفعله بعد الظهر، يقصف عرباً. وأنت قلق على ما تكتب؟ تهاب التصوير؟ تخاف على حداثة القصيدة؟ وجدة التشبيه؟ يا أخي الهاربون من الحصار لا يلتفتون لهندامهم. لكنني، كلما رنت هذه الكلمة في رأسي جاوبها نقيضها: نحن نرد القبح بالجمال، وهندام جملتنا رد على شعث خطاب القبيحين من أهل زماننا. وكل جمال مقاومة: جمال ابتسامة امرأة تعرف أن نظرتها إلينا قوة لنا، فتمنحنا منها بعضها، كخبز المسيح في العرس الجليلي، كلما أعطى منه ازداد، جمال اللحن يسمح للحزن أن يغني، جمال القصيدة تجعل العالم أوضح، كمن يضبط العدسة فجأة، وجمال اللوحة، تعدل على رأي الشمس. إنك متى رسمت لوحة أو كتبت قصيدة، فقد غيرت العالم. لم تغيره تماماً، لكنك غيرته. لقد صار أجمل بمقدار لوحة، وصار مستحقاً أن نقاتل من أجله أكثر، ولو بمقدار لوحة. وهذا معنى آخر لقولي: أرض أعيدت ولو لثانية، جمال أعيد، ولو بقدر لوحة أو بيت شعر أو وقفة عز لأعزل أمام دبابة، تخافه ولا يخافها. سأستمر في القلق والخجل كلما طلب أحدهم صورة، أو حاولت أنا أن أكتب صورة في قصيدة، وأعلم أن الجمال أطول عمراً من القبح. المسجد المزخرف والمدرسة المنقوشة من أيام المماليك، بقيت أما منصات تجار العبيد، والمماليك، باعةً ومشترين، زالوا، وسيزول من كان يشبههم من أهل هذا الزمان وكل زمان. نعم للكتابة هيبة لأنها تجرؤ على الموت واختلاسة لقليل من الخلود. لهذا، تذكر كلما واجهت ظلماً أو قبحاً، أن تدافع عن نفسك بأن تخترع جمالاً ما، وخذ صورة لذلك الجمال، وثقه وثبته، ودافع عنه...فإن كل حُسْن مقاومة #مع_تميم لمتابعتنا على موقعنا ajplus.net/arabi twitter.com/ajplusarabi www.facebook.com/ajplusarabi www.instagram.com/ajplusarabi
14 ساعت پیش در تاریخ 1403/07/07 منتشر شده است.
256,386 بـار بازدید شده
... بیشتر