لم اقم علاقة مع تلك المرأة .. فضيحة التلاعب بالألفاظ

Ahmad Fakhouri
Ahmad Fakhouri
59.9 هزار بار بازدید - پارسال - من المعروف أنّ السياسة هي
من المعروف أنّ السياسة هي "فن الممكن"، بحيث يتعامل السياسي مع وقائع وأحداث متغيّرة وأوضاع متقلّبة ومتحوّلة على الدوام، تهمّ أوّلاً الأوضاع الداخلية للبلاد، وعلاقة كلّ ذلك بالخارج، وما يستدعيه الأمر من موازنات واعتبارات مصلحيّة أو موضوعيّة.
في كتاب “تاريخ الكذب”، يُصنف الفيلسوف الفرنسي جاك دريدا (1930 ـ 2004) المكذوب عليهم بأنهم “آخرين” بالنسبة للرجل السياسي “فالكذب يعني دائماً خداع الآخرين عن قصد ووعي ودراية كاملة”، وهذا يعني بحسب دريدا بأن الآخرين “بمثابة العدو”. وإذ يتطرق دريدا إلى نماذج عدة ومناهج مختلفة من الكذب والخداع،  فالملاحظ أن مجملها يدور في فلك السياسات الخارجية، وهذا أمر كانت الفيلسوفة الألمانية حنة أرندت (1906 ـ 1975) قد تناولته في كتابها “الحقيقة والسياسة” حيث تقول إن الكذب التقليدي “لم يكن يعني سوى الخواص، والخداع كان موجهاً ضد العدو فقط”. يبدو الأمر طبيعياً ومنطقياً، أن يمارس أهل السياسة الخداع والكذب على اعدائهم الخارجيين، ولكن أن ينتهجوا مذهب الكذب تجاه جمهورهم وبني أوطانهم، فذلك يعيد سؤال السياسة إلى “لسان العرب” وإبن منظور، وما يعنيه من ركوب الدابة وترويضها، وفي الواقع العملي لا يعني الترويض سوى إصرار وسعي رجل السياسة للإحتفاظ بالترؤس والتسلط، ألا يعني الترويض تسلطاً؟. كيف يمارس السياسيون الكذب؟ يحدّد جون ميرشمير في كتابه “لماذا يكذب القادة؟” سبع أكاذيب “استراتيجية” يلجأ إليها رجال السياسة في مجال حرفتهم ومهنتهم. صحيح أن تلك الأكاذيب تستمد ذرائعها من مفترضات وادعاءات التهديد الخارجي، غير أنها تستهدف الجمهور الداخلي، ومن نماذجها: ـ زراعة الخوف: الغاية من هذه الأكذوبة “إثارة حالة خوف غير موجودة في مخيلة الشعب عبر تضخيم التهديد الخارجي بعدما يتراءى للقادة أن الشعب قد تراخى”.  وعلى أساس هذه المنطق، يرى السياسيون “أن الطريقة الوحيدة لتحريك الشعب هو خداعه، وأكثر المواطنين لا يملكون الذكاء المطلوب للتعرف على الخطر، والعامة عرضة للجهل والغباء والجبن”. هذه الأكذوبة على الشعب لها معنى واحد، أن رجال السياسة يرمون الناس بالجهل والغباء. ـ  التغطية على الحقائق: يلجأ السياسيون إلى الكذب بهدف “إخفاء سياسات فاشلة أو سياسات مثيرة للجدل”، ويظنون أنهم يحمون الدولة ـ او الجماعة ـ جراء اكذوبتهم تلك، فتكون النتيجة حماية الرجال الفاشلين وغير الأكفياء والتغطية على السياسات الغبية. ـ التغطية الشنيعة: وهي سياسة الكذب الناتجة عن “تخبطات القادة أو سياساتهم الفاشلة لمصالح شخصية، ويكون هدفهم في هذه الحالة حماية أنفسهم أو حماية أصدقائهم من عقاب مستحق”. ـ حراسة الهوية: غالباً ما يرفع السياسيون من قيمة هوية الدولة أو الجماعة، فيُسقطون على ماضي الجماعة مآثر وأمجاداً، ويروجون لمقولة  “نحن دائماً على حق وهم دائماً على خطأ”، كما أنهم ينفون وينكرون أن تكون مجموعتهم قد قامت بارتكابات واقترافات، ألا يمكن استحضار النموذج اللبناني في هذا المثال؟. ـ حماية المصالح: يطلق القادة أكاذيبهم بإتجاه الخارج “بهدف تنمية مصالحهم السياسية والإقتصادية أو لمصلحة طبقة اجتماعية أو مجموعة بعينها، ويستهدف هذا النوع من الأكاذيب صرف نظر الشعب عن مشاكل أو قضايا مثيرة للجدل في الساحة المحلية”. إذا كانت هذه الأكاذيب، قد باتت تقليدية ومعروفة لدى شرائح واسعة من الناس، فكيف يمكن تفسير استمرار نجاحها ونجاعتها؟
الإجابة على ذلك تتطلب العودة إلى تصنيف الناس إلى فئتين: فئة لديها الدراية والخبرة وفئة الجمهور، الأولى ضيقة والثانية واسعة، وحيال الفئة الأولى كتب جون ميرشمير في كتاب “لماذا يكذب القادة”، فقال: “اسلوب الخداع قد لا ينجح مع المتعلمين المتمردين، لأنهم بطبيعة الحال يدركون ما يجري حولهم، ومن الصعب ان تنطلي عليهم الكذبة، فيكون الحل بإثارة الذعر لتحريك الجمهور الأوسع واستعدائه تجاههم، وأخيراً سوف يجد هؤلاء المتمردون أنفسهم في عزلة عن الآخرين وفي وضع مشبوه، مما قد يؤثر في مستقبلهم المهني الذي قد يصبح مهدداً، فيضطرون إلى التخفيف من انتقاداتهم، أو يهادنون أو يلتزمون الصمت أو ربما يغيرون أقوالهم”.
شي من هذا القبيل، كان تحدث عنه المفكر الإيطالي نيقولا ميكافيللي (1469 ـ 1532) في كتابه “الأمير” فقال “عامة الناس يحكمون على الأشياء من مظهرها الخارجي، وهذا العالم لا يتكون إلا من هؤلاء العامة، أما غير الساذجين فهم قلة تنعزل حين تجد الكثرة مجتمعة حول الأمير”. والسؤال حيال ذلك: لماذا تصدق العامة ـ وهي الأكثرية ـ أكاذيب السياسيين كما يقول ميكافيللي؟ عالم النفس الأميركي الشهير بول إيكمان، يرى أن عامة الناس تميل إلى التصديق، لأسباب شتى، عاطفية ونفسية وسياسية، وليس من السهل أن تحيد عن شخص ما إذا اكتشفت كذبه، فذلك يولّد آلاماً نفسية بليغة، وينطبق هذا الأمر على سلوك الأفراد وسلوك الجماعات، وانطلاقاً من هذا الأمر يتطلب الإنفكاك عن الشخص الكاذب فترة زمنية ليست قصيرة. بصورة عامة، يتشكل مستوى مخاطر الكذب السياسي من عاملين اثننين: ـ  الأول؛ إدراك رجال السياسة اتجاهات عواطف الناس نحوهم ووقوفهم على صورة التفسير الخارجي للظواهر والأحداث ومن دون التدقيق بها.  ـ الثاني؛ حاجة الجمهور أو فئات واسعة منه إلى استشعارالتفوق والحماية النفسية الجماعية بعدما تكون زراعة الخوف قد بلغت ذروتها، وفي هذه الحال، حتى لو اكتشف الجمهور الكذب السياسي سيرفض الحُكم عليه بكونه كذباً، لإعتبارات وقناعات أهمها خوفه من خسارة عناصر الحماية النفسية التي يكون قد راكمها على مدى سلسلة زمنية طويلة، وهذا الخوف يجعله بين خيارين: الإستمرار في تصديق الكذب السياسي أو الوقوع في العراء، ومن الطبيعي ألا يختار العراء، او عل الأقل لا يتعجله قبل إعادة ترميم النفس المنكسرة. يقول المفكر الفرنسي غوستاف لوبون (1841 ـ1931) في كتابه الشهير “سيكولوجيا الجماهير” إن حدود اللاشعور تحرك الجمهور “فيتلقى بطيبة خاطر كل الإقتراحات والأوامر ولديه سرعة تصديق منقطعة النظير”،

المصدر: 180Post
پارسال در تاریخ 1402/01/19 منتشر شده است.
59,938 بـار بازدید شده
... بیشتر