من ذاكرة التشبيح.. "الرئيس المؤمن" وفرقة المدائح النبوية!

زمان الوصل Zaman Alwsl
زمان الوصل Zaman Alwsl
159.2 هزار بار بازدید - 11 سال پیش - تابعوا الخبر:
تابعوا الخبر: http://zamanalwsl.net/news/43619.html

من قال إن التشبيح بمعنى "عبادة الفرد" و"تقديس الزعيم" ولد مع الثورة السورية أو بعيد انطلاقها، فلا بأس من تنشيط ذاكرته ليوقن أن للتشبيح جذورا ضاربة في نظام آل الأسد، الذي أرسى قواعده حافظ.
كان لـ"حافظ" ألقاب كثيرة حفظها معظم السوريين الرازحين تحت حكمه عن ظهر قلب، فهو "الرفيق" و"القائد" و"الأب" و"المعلم" والمناضل" و"الفريق" و"السيد الرئيس"، بل وحتى "الطالب الأول"، وهو فوق كل ذلك "المؤمن" (لكن للإنصاف ليس المؤمن الأول!).

وانطلاقا من هذا اللقب الأخير (المؤمن) كان على حافظ أن يحضر جل "الاحتفالات الدينية"، التي كانت تقام في جامع "بني أمية الكبير"، وفق ما كان يسميه أحد المذيعين الذين احتكروا "الدين" سنوات طوالا في إعلام حافظ الأسد.

كان حافظ لا يفوّت إلا لظرف قاهر حضور مناسبات مثل الاحتفال بليلة القدر، النصف من شعبان، وطبعا ذكرى "المولد النبوي"، حيث كان "المداحون" من فرقة المنشدين لا يفرقون كثيرا بين مدح النبي، ومدح الطاغوت!

كَبُر كثير من السوريين على صوت أحدهم، ممن لا داعي لتسميته..كبروا وهم يعلمون أن وصلة "أناشيده الدينية" لم تكن لتكتمل ولا لتتمايل معها رؤوس المنشدين طربا، إلا بمدح الرئيس، بل إن هذا المنشد كان مشهورا بلازمة يرددها ويختم بها أناشيده، مرددا من أمام جوار مرقد صلاح الدين في الجامع الأموي: "وسلاما مع تحية لرئيس الجمهورية، ولتعيشي يا سوريا بالهنا طول الزمان"!

ولأن لقديم التشبيح نكهته، و"من فات قديمه تاه" حسب ما يقول المثل، أحببنا أن نتحف السوريين بإحدى وصلات "الإنشاد"، التي "حلق" فيها المنشد المعروف وجوقته، منتشين بمدح حافظ، حتى اختلط عليهم الأمر، وصاروا يرددون "الله، الله"، وكأن رئيس المنشدين يمدح الرسول أو يرتل آي القرآن الكريم!
يقول المنشد بصوته المحفوظ في ذواكر السورييين: "أسد العروبة حافظ، وعرينه أرض الشآم، أعطاك ربي رتبة علياء في أعلى مقااااااام!".. المرددون: "الله، الله".

ويتابع: "ياراعيا للمولد المعطاء، كنز الوئام، دم شامخا في عزة شماااااء، يارمز السلام، فجميل صنعك شاهد حي على هذا الكلام.. مني إليك تحية عربية، مني السلام، أبقاك ربي حافظا، ولنحتفل في كل عااام"!

ولا يخفى أن وصف المنشد لحافظ بأنه "رمز السلام" إنما جاء تماشيا مع "موضة" تلك الأيام، التي أعقبت دخول نظام الأسد في مفاوضات مع إسرائيل، وتسميته "بطل الحرب والسلام"، وكثرة ترديد الإعلام لأسطوانة "السلام خيار سوريا الاستراتيجي"، بعد سنوات طويلة من التجييش والتحريض على حرب "إسرائيل" وضرورة إزالتها؛ لأن حربنا معها "حرب وجود، لاحرب حدود".

واللافت أن الكاميرا التي كانت تسجل "المولد"، كانت تنتقل أثناء وصلة المدح (أو الردح) لتأخذ لقطة قريبة لوجه "الرئيس المؤمن"، الذي كانت تعابير وجهه جامدة صارمة لا تتحرك ولا تبدي أي تأثر، وكأنه كان يقول إن هذا المدح أقل من مقامي بكثير، وأن تمجيدي فرض وواجب، وبالتالي فـ"لا شكر على واجب".
11 سال پیش در تاریخ 1392/09/06 منتشر شده است.
159,278 بـار بازدید شده
... بیشتر