مشروع الهواد - السودان

أربع نقاط 👇🏿 جديرة بالتأمل قبل مشاهدة هذا الفيلم 👆🏼:
الأولى: يجمع العلماء على أن الحضارات لا تنشأ من فراغ، فهي تنشأ وتزدهر بتوافر العوامل الاقتصادية التي تتبدّى معها عوامل الاستقرار، ومن بينها النشاط الزراعي والرعوي. على ذات النسق نشأت حضارة مملكة مروي والتي ازدهرت في الفترة من 900 قبل الميلاد إلى 350 ميلادية، ووصفها الإغريق بفردوس إفريقيا.. تلك هي السهول الشاسعة الممتدة والمحصورة بين نهري عطبرة والنيل والنيل الأزرق والتي يقوم عليها مشروع الهواد ، وأسماها هيرودتس "جزيرة مروي". حيث قامت المرحلة الثالثة والأخيرة لمملكة كوش. وتقف الآثار الشاخصة في البجراوية والنقعة والمصورات دليلاً على عظمة تلك الحضارة . في 1911 ، وفي مقدمته لكتاب "إنجلترة في السودان" كتب هنري سايس:
"كان كتّاب الإغريق على صواب في وصفهم لخصوبة الأرض والكثافة السكانية العالية والحضارة الرفيعة لجزيرة مروي، تلك الأرض المحصورة بين نهري النيل وعطبره والنيل الأزرق والنيل الأبيض. بإعادة تعمير القنوات القديمة والآبار والسدود، فإن ذلك الجزء من السودان بوسعه حتماً أن يعود، مرة أخرى، فردوس أفريقيا".  
الثانية: إن مشروع الهواد وامتداداته المستقبلية الشرقية حتى أطراف مشروعي الجنيد والرهد، زائداً المشاريع القومية القائمة (الجزيرة، الجنيد، الرهد)  ومشاريع سكّر سنّار وأبو نعامة والسوكي، والستة هذه جميعها على النيل الأزرق، ثم حوض دلتا القاش، ومشروع حلفا الجديدة على الضفة الغربية لنهر عطبرة وأراضي أدنى خزان سيتيت وعطبرة والرقعة الزراعية الممتدة على ضفتي نهر الأتبراوي من قوز رجب وشمالاً عبر مشرع الشبابيط وأدراما حتى العبكة وسيدون، ثم الحقول والبساتين الممتدة على ضفتي الشريط النيلي، من الجزيرة إسلانج غربا والفكي هاشم شرقا .. حتى  عطبرة شمالاً (240 ألف فدان، بمحاذاة مشروع الهواد)، وبدون احتساب سهول الزراعة الآلية المطرية بالقضارف، فإن تلك مجتمعة تشكّل معبراً قومياً عملاقاً للتنمية يخترق ست ولايات: نهر النيل، الخرطوم، كسلا، القضارف، الجزيرة، سنّار، بمساحة تتجاوز 12 مليون فدان هي تحديداً مساحة كاليفورنيا، خامس أضخم اقتصاد في العالم؛ ويمكن أن يضحي هذا الفضاء "كاليفورنيا أفريقيا" .
ا لثالثة: بناء على هذه المعطيات، فإن قيام معبر الهواد للتنمية El Hawad Growth Corridor ينسجم مع الرؤية التي طرحها السيد رئيس الوزراء، د. عبد الله حمدوك لقيام أحزمة التنمية، إذ أن تطوير هذا الفضاء يتواءم مع  توصيف ما أطلق عليه سيادته"حزام الأنهار".
الرابعة: فيما مضى، حينما طبّقت معابر التنمية GROWTH CORRIDORS في بعض البلدان، كانت وسائل عبرت بها تلك الدول إلى صناعة ما يعرف بهندسة الرخاء، حيث تطوّرت بداخل تلك المعابر البنيات التحتية- من شبكات الطرق والنقل والاتصال وقامت المدن والمراكز الحضرية حيث المرافق الخدمية المتكاملة من تعليم وصحة ومصارف وتقنية، وتطوّرت الحقول الواسعة من حولها لإسناد إنتاج الغذاء وقامت الأقطاب الزراعية Agropoles ومناطق الصناعات الزراعية الغذائية والتحويلية Agro-Industrial Parks فكانت، على سبيل المثال، معابر التنمية والنمو الأربعة في الولايات المتحدة، والمعابر التسعة في بريطانيا ومعابر التنمية في ماليزيا في كل من جزيرتي صباح وسرواك. أما في أفريقيا، فقد بدأ تنفيذ معبر لوبيتو في أنجولا Lobito Corridor ، ومعبر تنزانيا الجنوبي للتنمية الزراعية SAGCOT  ومعبر بيرا للتنمية الزراعية في موزمبيق Beira Agricultural Growth Corridor ومعبر تنمية بحيرة تانا – - بيلّيس  في أثيوبيا  Tana and Beles Growth Corridor لتطوير الزراعة والتصنيع الزراعي والأسماك والسياحة، فضلاً عن خطط استراتيجية لقيام معبر نقل للربط بين أثيوبيا وجيبوتي من جهة، وآخر للتنمية الزراعية والتجارية، يربط بين أثيوبيا وكينيا. وفي السودان فإن مفهوم مشروع الهواد للتنمية المتكاملة يستند إلى قيام معبر تنمية ونمو سوف يكون الأول من نوعه في بلادنا بتأسيس بنيات تحتية متطوّرة في الري ومحطات الطاقة الشمسية وقيام كتلة إقتصادية متطورة للانتاج الزراعي والصناعات التحويلية وانبثاق مراكز حضرية ومدن جديدة (تصنف جل تربة منطقة المشروع طينية لومية مخلوطة sandy clay loam وهي تعتبر أجود أنواع التربة على الإطلاق لزراعة مختلف أنواع المحاصيل. وحصرت الدراسات والتحاليل التي أجريت إمكانية زراعة سبعة عشر محصولا عالي القيمة، بالإضافة إلى البستنة  والأعلاف).أخيراً، سوف يضحي معبر الهواد للتنمية مشروعاً نهضوياً وبوتقة إنصهار قومي وملحمة في البناء قابلة للاستنساخ في سائر أنحاء البلاد.