السلوك الأهوج برنامج عوائق 26 للشيخ محمد جندية لبنان

الشيخ محمد جندية
الشيخ محمد جندية
144 بار بازدید - 3 ماه پیش - يرى بعضهم أن سرعة الغضب؛
يرى بعضهم أن سرعة الغضب؛ وما يتبعه من سلوك أهوج من الحريات الشخصية التي ينبغي أن تصان وتحترم؛ فهو تعبير عن مشاعر الإنسان الداخلية؛ فلماذا ينبذه ويذمه كثير من الناس؟
سرعة الغضب وعدم التحكم فيه خلق سيء مذموم؛ وكل إنسان عرضة لأن يغضب؛ الأنبياء غضبوا؛ وقد يكون الغضب حافزاً للإنسان؛ للمجتمع؛ للرقي والتقدم ورفع الظلم والاعتداء؛ لكن الذي نعينيه هنا هو سرعة الغضب والانجرار خلفه؛ وعدم القدرة على التحكم فيه؛ والافتقار إلى مهارة حسن توظيفه.
فإذا كان الحال هكذا فسرعة الغضب خلق مذموم مرفوض؛ كم مُزِّقتْ بسببه من علاقات، وخرِبت من بيوت، وقُطّعت من أرحام، وأُريقت من دماء، وتعطلت من أعمال، وطاشت من عقول، وضاعت من حقوق، وسُلبت من مستحقات.
سلوك الغضب: ريحٌ تهُبُّ على سراج العقل فتطفئه، ونار تشتعل في القلب فتحرقه، ومرض يستشري في البدن فيهلكه.
الغضب يأتي على المجتمع، فيقوِّض بنيانَه، وينزل بالأسر فيمزق شملها، يخيم على الإنسان؛ فيغير طبيعته، ويرفع وتيرته، ويورده السوء والمنكر.
- نصوص الشريعة تهدف إلى الوقاية من تبعات هذه الآفة؛ قد يكون الغضب حافزاً إلى معالي الأمور أحياناً ولكن أكثر ما نراه من الغضب هو جانبه السلبي. عن أَبي هريرة رضي اللَّه عنه أَنَّ رَجُلًا قَالَ للنَّبِيِّ ﷺ: أَوْصِني، قَالَ: «لا تَغْضَبْ»، فَرَدَّدَ مِرَارًا، قَالَ: «لاَ تَغْضَبْ»
وفي روايةٍ: عَلِّمْنِي شَيْئًا وَلَا تُكْثِرْ عَلَيَّ لَعَلِّي أَعِيهِ، قَالَ ﷺ: «لَا تَغْضَبْ»، فَرَدَّدَ ذَلِكَ مِرَارًا، كُلُّ ذَلِكَ يَقُولُ: «لَا تَغْضَبْ»
قال أبو الدَّرْدَاءِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، دُلَّنِي عَلَى عَمَلٍ يُدْخِلُنِي الْجَنَّةَ. قَالَ: «لَا تَغْضَبْ وَلَكَ الْجَنَّةُ»
لما قِيلَ لِابْنِ الْمُبَارَكِ: اجْمَعْ لَنَا حُسْنَ الْخُلُقِ فِي كَلِمَة، قَالَ: تَرْكُ الْغَضَبِ.
قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَوْصِنِي. قَالَ: «لَا تَغْضَبْ» قَالَ الرَّجُلُ: فَفَكَّرْتُ حِينَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، فَإِذَا الْغَضَبُ يَجْمَعُ الشَّرَّ كُلَّهُ.وفي الحديث «إِنَّ الْغَضَبَ جَمْرَةٌ تُوقَدُ فِي جَوْفِ ابْنِ آدَمَ؛ أَلاَ تَرَوْنَ إِلَى حُمْرَةِ عَيْنَيْهِ وَانْتِفَاخِ أَوْدَاجِهِ؟"
وجاء في الأثر: أقربُ ما يكون العبد مِن غضب الله إذا غضب.
حتى إبليس يقول: متى أعجزني ابنُ آدم فلن يعجزني إذا غضب؛ لأنه ينقاد لي فيما أبتغيه، ويعملُ بما أريده وأرتضيه

الحلقة 26
السلوك الأهوج برنامج عوائق 26 للشيخ محمد جندية

الغضب باب من أبواب الجنون، والعقل ينقص عند الغضب؛ والحكمة تتعطل؛ فيؤدي إلى قول الباطل وكتم الحق؛ والظلم والاعتداء...
الغضب يمنع من الحكم بالعدل، قال ﷺ: «لَا يَحْكُمْ أَحَدٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَهُوَ غَضْبَانُ»،قديمًا قالوا: الغضبُ عَدوٌّ، فلا تُملِّكْه نفسَك
وكان من دعاء النبي ﷺ: «وَأَسْأَلُكَ كَلِمَةَ الْحَقِّ فِي الرِّضَا وَالْغَضَبِ»
قال الحسن: أربعٌ مَن كُنَّ فيه عَصَمه الله من الشيطان، وحَرَّمه على النار: مَن مَلَك نفسَه عند الرغبة، والرهبة، والشهوة، والغضب.
مَكْتُوبٌ فِي الْحِكَمِ: يَا دَاوُدُ، إِيَّاكَ وَشِدَّةَ الْغَضَبِ، فَإِنَّ شِدَّةَ الْغَضَبِ مُفْسِدَةٌ لِفُؤَادِ الْحَكِيمِ.
وقال الماورديّ:ذُكِرَ أنَّ فِي التَّوْرَاةِ مَكْتُوبًا: يَا ابْنَ آدَمَ، اذْكُرْنِي إِذَا غَضِبْتَ، أَذْكُرْكَ إِذَا غَضِبْتُ؛ فَلَا أَمْحَقُكَ فِيمَنْ أَمْحَقُ
- سرعة الغضب من أخلاق أصاغر الناس؛  قال الغزاليّ رحمه الله تعالى: «ممّا يدلّ على أنّ الغضب من أخلاق النّاقصين: أنّ المريض أسرعُ غضبًا من الصّحيح، والمرأة أسرع غضبًا من الرّجل، والصّبيّ أسرع غضبا من الرّجل الكبير، وذا الخلق السّيّء والرّذائل القبيحة أسرعُ غضبا من صاحب الفضائل..»
قال ﷺ كماعند ابن حبان: «لَيْسَ الشَّدِيدُ مَنْ غَلَبَ [النَّاس] إِنَّمَا الشَّدِيدُ مَنْ غَلَبَ نَفْسَهُ»
معظم حالات الخصومة، وجلُّ حالات الطلاق إنما هي بسبب الغضب؛ لحظة غضب كفيلة  بتمزيق الأسرة، وضياع الأبناء.
معظم المشاكل التي تقع بين المتخاصمين تقع تحت تأثير الغضب؛ حتى يصل بعضها إلى سفك الدماء؛ وانتهاك الأعراض؛ والتعرض للكرامات؛ وأكل الأموال. والموفق من يقهر نفسه عن الغضب؛ ويتذكر حِلم الله عليه، ويعلم أن قدرة الله عليه أعظمُ من قدرته على من غضب منه؛ فيخشى عقابه، ويخاف بطشه وانتقامه؛ فيكظم غيظه ويضبط نفسه.
قَالَ أَبُو مَسْعُودٍ الْبَدْرِيُّ رضي الله عنه: كُنْتُ أَضْرِبُ غُلَامًا لِي بِالسَّوْطِ، فَسَمِعْتُ صَوْتًا مِنْ خَلْفِي: «اعْلَمْ، أَبَا مَسْعُودٍ»، فَلَمْ أَفْهَمِ الصَّوْتَ مِنَ الْغَضَبِ، قَالَ: فَلَمَّا دَنَا مِنِّي إِذَا هُوَ رَسُولُ اللهِ ﷺ، فَإِذَا هُوَ يَقُولُ: «اعْلَمْ، أَبَا مَسْعُودٍ، اعْلَمْ، أَبَا مَسْعُودٍ»، قَالَ: فَأَلْقَيْتُ السَّوْطَ مِنْ يَدِي، فَقَالَ: «اعْلَمْ، أَبَا مَسْعُودٍ، أَنَّ اللهَ أَقْدَرُ عَلَيْكَ مِنْكَ عَلَى هَذَا الْغُلَامِ»، قَالَ: فَقُلْتُ: لَا أَضْرِبُ مَمْلُوكًا بَعْدَهُ أَبَدًا
المسلم مطالبٌ بكظم غيظه بما استطاع من تحلُّم وتصبّر، واستعاذة بالله من النفس والهوى والشيطان، وعدم الإنصات لألسنة الفتنة؛ أو لسفهاء القوم.
وعَنْ أَبِي ذَرٍّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «إِذَا غَضِبَ أَحَدُكُمْ وَهُوَ قَائِمٌ فَلْيَجْلِسْ، فَإِنْ ذَهَبَ عَنْهُ الْغَضَبُ وَإِلَّا فَلْيَضْطَجِع”
وفي الحديث: «عَلِّمُوا، وَيَسِّرُوا، وَلا تُعَسِّرُوا،" «وَإِذَا غَضِبْتَ فَاسْكُتْ، وَإِذَا غَضِبْتَ فَاسْكُتْ، وَإِذَا غَضِبْتَ فَاسْكُتْ»
3 ماه پیش در تاریخ 1403/01/30 منتشر شده است.
144 بـار بازدید شده
... بیشتر